responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 490
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلِهِ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَلَامٌ وَرَدَ عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ. وَقَوْلُهُ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كَلَامٌ وَرَدَ عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَبَةِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّأْكِيدُ فِي التَّهْدِيدِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَمَّا علمتم أن كل ما في السموات وَالْأَرْضِ للَّه وَمِلْكُهُ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْمَلِكَ الْحَكِيمَ لَا يُهْمِلُ أَمْرَ رَعِيَّتِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي حِكْمَتِهِ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي وَبَيْنَ الْمُشْتَغِلِ بِالْخِدْمَةِ وَالْمُعْرِضِ عَنْهَا، فَهَلَّا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ يُقِيمُ الْقِيَامَةَ وَيُحْضِرُ الْخَلَائِقَ وَيُحَاسِبُهُمْ فِي الكل؟
البحث الرابع: أن كلمة «إلى» في قوله إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فِيهَا أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا صِلَةٌ وَالتَّقْدِيرُ:
لَيَجْمَعَنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: إِلى بِمَعْنَى فِي أَيْ لَيَجْمَعَنَّكُمْ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَقِيلَ: فِيهِ حَذْفٌ أَيْ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى الْمَحْشَرِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ الْجَمْعَ يَكُونُ إِلَى الْمَكَانِ لَا إِلَى الزَّمَانِ.
وَقِيلَ: لَيَجْمَعَنَّكُمْ فِي الدُّنْيَا بِخَلْقِكُمْ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ فَفِيهِ أَبْحَاثٌ: الْأَوَّلُ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِينَ مَوْضِعُهُ نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ لَيَجْمَعَنَّكُمْ وَالْمَعْنَى لَيَجْمَعَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ. وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ، أَنَّ قَوْلَهُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَقَوْلُهُ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَبَرُهُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيَجْمَعَنَّكُمْ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْكُلِّ، عَلَى الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ «وَالْفَاءُ» فِي قَوْلِهِ فَهُمْ يُفِيدُ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: الَّذِي يُكْرِمُنِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، لِأَنَّ الدِّرْهَمَ وَجَبَ بِالْإِكْرَامِ فَكَانَ الْإِكْرَامُ شَرْطًا وَالدِّرْهَمُ جَزَاءً.
فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خُسْرَانَهُمْ سَبَبٌ لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ، وَالْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ.
قُلْنَا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبْقَ الْقَضَاءِ بِالْخُسْرَانِ وَالْخِذْلَانِ، هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ الْإِيمَانِ، وذلك عين مذهب أهل السنّة.

[سورة الأنعام (6) : الآيات 13 الى 15]
وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ أَحْسَنَ مَا قِيلَ فِي نَظْمِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فقال: ذكر في الآية الأولى السموات وَالْأَرْضَ، إِذْ لَا مَكَانَ سِوَاهُمَا. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِذْ لَا زَمَانَ سِوَاهُمَا، فَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ ظَرْفَانِ لِلْمُحْدَثَاتِ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَكَانِ وَالْمَكَانِيَّاتِ، وَمَالِكٌ لِلزَّمَانِ وَالزَّمَانِيَّاتِ، وهذا بيان في غاية الجلالة.
وأقول هاهنا دَقِيقَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ الِابْتِدَاءَ وَقَعَ بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَالْمَكَانِيَّاتِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَهُ الزَّمَانَ وَالزَّمَانِيَّاتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَكَانَ وَالْمَكَانِيَّاتِ أَقْرَبُ إِلَى الْعُقُولِ وَالْأَفْكَارِ مِنَ الزَّمَانِ وَالزَّمَانِيَّاتِ، لِدَقَائِقَ مَذْكُورَةٍ فِي العقليات

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 490
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست